ثانية ثانوي “شرح قصيدة لأشربن بكأس الموت” مع الإجابة عن الأسئلة محور التجديد في الشعر العربي

شرح قصيدة لأشربن بكأس الموت .. ثانية ثانوي محور التجديد في الشعر العربي ثانية 2 ثانوي شرح نص لأشربن بكأس الموت للشاعر أبو العتاهية يندرج ضمن المحور الثاني: التجديد في الشعر العربي الموضوع تقديم تقسيم تحليل أبدي رأيي أبني المعنى انتج تقويم تاليف نص شعري لأشربن بكأس الموت مع الاجابة على جميع الاسئلة مع الحجج شرح نص لأشربن بكأس الموت من كتاب النصوص عيون الأدب ثانية ثانوي لغة عربية من المرحلة الثانوية تعليم قراية تونس على موقع تحضير الدروس وشرح القصائد والتصوص

محور التجديد في الشعر العربي ” شرح نص لأشربن بكأس الموت” للكاتب أبو العتاهية مع الإجابة عن الأسئلة – ثانية ثانوي

التقديم : قصيدة لأشربن بكأس الموت
التقديم المادي
⇐ تحتاج الحكمة صيغ التعميم ليكون معناها شاملا ودائما.
⇐ إن حتمية الموت، حسب الشاعر، دافع للعمل الصالح وحافز على السمو بالنفس.
⇐ في الزهدية اعتراف بحب ملذات الدنيا وأسى على لزوم فراقها. لذا هيمن معجم الموت وساد الجو الرثائي الكئيب وحضر البناء الدائري المنغلق.

الموضوع: التقديم : قصيدة لأشربن بكأس الموت
إقرار الشاعر بحتمية الموت و الدعوة إلى الاعتبار بما وقع للأولين و ذلك بالعمل من أجل الآخرة
يتخذ الشاعر فاجعة الموت حجة للزهد في ملذات الدنيا.

التقسيم: التقديم : قصيدة لأشربن بكأس الموت
1- (1+2+3+10): ضمير الغيبة.
2- (4+9): ضمير المتكلم.
المقاطع:
حسب معيار المضمون
⇐ من بيت 1 إلى بيت 3 : الاعتبار
⇐ البقية: الإقرار

الألفاظ:
أكياس: جمع تكسير (أفعال) مفرده (كيس) ! فطن، حسن الفهم.
مخاتلة: اسم فاعل (مفاعلة) فعله (خاتل) ! مخادعة.
حفت: فعل ثلاثي مجرد (فعلت) جذره (ح.ف.ف) ! أحيطت، حرست حراسة تامة

الشرح : التقديم : قصيدة لأشربن بكأس الموت
1- ضمير الغيبة:
⇐ استعمل أبو العتاهية ضمير الغيبة المفرد (هو، المرء، هم) الدال على الإنسان مطلقا. فإليه يوجه خطاب النصح داعيا إلى الزهد في دنيا زائلة ناهيا عن الطمع في ما لا يدوم متخذا سيرة الأولين (الأسلاف) عبرة والعقل العالم برهانا
! الحياة حسبه استعداد دائب للموت

2- ضمير المتكلم:
⇐ عبر الاستفهام الإنكاري عن استغراب الشاعر من منية يتوق إليها ليرتاح من عذاب الانتظار. لكنها تخادعه وتطيل حيرته.
⇐ يستحضر تاريخ الملوك الجبابرة كي يستدل على أن سلطة الموت قاهرة تجرف كل حي مهما تحصن ضدها.
⇐ شبه الحياة الموقوتة باللعب العابث الذي لا طائل من ورائه: كأنما التعلق بالدنيا ذنب يحتاج الاستغفار والتوبة.
⇐ ذات الشاعر أحوج الناس إلى الخطاب الحكمي السابق

المقطع الأول: الاعتبار
من…: جملة شرطية تلازمية

من: العاقل
حتى: انتهاء الغاية الزمنية
نافس: فعل في صيغة الماضي: الانقضاء
يعض – يسلم: المضارع: عدم الانقضاء
أنياب – أفراس: استعارة
العراقيل و العوائق التي تحول دون تحقيق الإنسان لطموحاته و مشاريعه:
⇐ عائق اجتماعي ( غدر الناس )
⇐ عائق نفسي ( التكبر )
يستعير الشاعر صورة الحيوان المفترس للإنسان، فكأن هذا الإنسان حيوان مفترس سيبطش بأخيه الإنسان. و كأن العلاقة بينهما هي علاقة تنافس و صراع ينتهي حتما بإلغاء أحدهما للآخر ( ” الإنسان ذئب لأخيه الإنسان ” هوبز )

هناك دعوة إلى ترك تلك المشاغل الصغيرة التي تسيج حياة الإنسان داخل المجموعة بما أنها أعمال غير مثمرة و لن تثمر أبدا لأنها ستكسر قبل أن تحقق في ” حرب الكل ضد الكل ” داخل المجموعة الإنسانية
سريرته = نيته

لا: النفي
ما… إلا: حصر: يفيد التأكيد
العلم ( استكمال ملكة العقل ) هو الذي يتيح للإنسان تجنب غدر أخيه الإنسان، و بمعنى آخر يمكنه من جعل هذا الغدر أقل وطأة إن حدث.
العقل هو الذي يقوم بأنسنة ذلك المجتمع الذي اقترب من درجة الحيوانية في حرب الكل ضد الكل

العقل – تلك الملكة الممنوحة من الله تعالى – هو الذي أهل الإنسان للاستخلاف ( جعل الله الإنسان خليفته على الأرض: يجب أن لا يفسد فيها و لا يسفك الدماء )
يركز الشاعر على دور العقل في حياة الإنسان، فهو الضامن لحاضره و هو الضامن لمستقبله
العقل يجعل الإنسان يتسامى عن جراحه و ينسى آلامه، و بهذا يتحقق ذلك التواصل بين الناس
بعد أن انطلق الشاعر من مثال حسي ( غدر الناس ) انتهى إلى ظاهرة مجردة ( غدر الزمان = الموت ) و غايته من هذا التدرج تقريب الصورة و ترسيخها في الأذهان: يدعو الشاعر إلى الاستعداد لحتمية الموت و ذلك بالعمل الصالح.

العاقل هو الذي يعقل سر الوجود و هو الذي يعرف أن الحياة الدنيا ما هي إلا معبر للحياة الآخرة. لذلك سيعطي هذه الحياة الثانية اهتمامه و ذلك بالاستعداد لها عن طريق العبادة و العمل الصالح.
الغافل سيكون بصره قاصرا، لذلك سيتكالب على ملذات الدنيا و مغرياتها و سيكون مصيره الفناء ( و لو بعد حين )
مقطع حكمي بامتياز بما أنه عصارة تجربة الأولين، و هو عبرة لأولي الألباب.

المقطع الثاني: الإقرار
متى / أين: استفهام
أسلوب إنشائي
المنايا = الموت
مخاتلة: مختفية، متربصة، مخادعة
يغر / وسواس: معجم ديني

لقد: تأكيد مزدوج
كأس الموت دائرة: استعارة
عبر الشاعر عن غفلته من ظاهرة الموت و إقراره بأن هذه الغفلة ناتجة عن مغريات الدنيا
الموت حقيقة الحقائق ماثل أمام الإنسان، لا قدرة على تجاوزه. و لكن ملذات الحياة قد تحجب الإنسان عن رؤية هذه الحقيقة التي لا مهرب منها.
كل الشواهد التاريخية تثبت هذه الحقيقة لكل صاحب نظر و تبصر
تشبيه الموت بالسم و وجه الشبه في ذلك هو الأثر و النهاية
يؤكد الشاعر أن حياته الماضية هي عبارة عن لهو و لعب: هي مرحلة صبيانية غاب عنها التفكير السليم و المنظم.
كان الشاعر يظن نفسه فاعلا في هذا الوجود ( الفاعل الحقيقي هو الزمن )
ألعب: أفعل
ينقصن: يفعلن

الفاعلية
يختم الشاعر نصه ببيت حكمي مداره حول استعباد نزوات الذات للإنسان و أن طريق الحياة الحقيقية يمر عبر معبر التسامي عن نزوات الجسد و شهواتها بالصبر و التجلد و اليأس.
الزهدية مظهر من مظاهر التجديد في القرن الثاني للهجرة، ذلك أنها استقلت بذاتها في قصيدة كاملة بعد أن كانت أبياتا متناثرة في القصائد السابقة

الزهدية تتأسس على تقاطع نصين اثنين: نص ظاهر ( نص شعري ) و نص باطن ( النص الديني ) أي أنها إعادة إنتاج للنص المقدس في شكل شعري يعبر عن نوازع ذات الشاعر و توقها إلى التحرر من أدران المادة
الزهدية إذن تحمل في ذاتها ملامح هذه الحياة الجديدة التي ترتكز على العقيدة أولا و أخيرا

التأليف
يعكس هذا النص تقلب أبي العتاهية بين مرحلتين: مرحلة المجون و اللهو و مرحلة الزهد و التقوى
هذا التحول ما كان ليتم لولا يقظة ملكة العقل التي جعلت الشاعر يدرك بطلان حياته السابقة من ناحية و يدرك هذه الحقيقة الرهيبة ( الموت ) من ناحية أخرى. و هو ما جعل هذه الزهدية تتردد بين إيقاع الحكمة و إيقاع النفس و إيقاع الموت.

شرح نص: لأشربن بكأس الموت
النص

من نافس الناس لم يسلم من الناس، حتى يعض بأنياب وأضراس
لا بأس بالمرء ما صحت سريرته ما الناس إلا بأهل العلم والناس
كاس الألى أخذوا للموت عدته وما المعدون للدنيا بأكياس
حتى متى والمنايا لي مخاتلة يغرني في صروف الدهر وسواسي
أين الملوك التي حفت مدائنها، دون المنايا، بحجاب وحراس
لقد نسيت وكأس الموت دائرة في كف لا غافل عنها ولا ناسي
لأشربن بكأس الموت منجدلا يوما كما شرب الماضون بالكاس
أصبحت ألعب والساعات مسرعة ينقصن رزقي ويستقصين أنفاسي
إني لأغتر بالدنيا وأرفعها من تحت رجلي، أحيانا، على راسي
ما استعبد المرء كاستعباد مطمعه ولا تسلى بمثل الصبر والياس
أبو العتاهية

تابع ايضا جميع شروح نص أولى ثانية ثالثة رابعة ثانوي باكالوريا لغة عربية ملخصات الدروس بحوث حجج
مقال أدبي موضوع انشاء فقرة الانشائية تعبير انتاج كتابي امتحانات 4.3.2.1 ثانوي تعليم تونس من هنا

من هو أبو العتاهية؟
إسماعيل بن القاسم بن سويد العنزي ، أبو إسحاق، وهناك رأيان في نسبه، الأول أنه مولى عنزة والثاني «أنه عنزي صليبة وهذا قول ابنه محمد وما تأخذ به عدد من الدراسات الأكاديمية»، ولد في عين التمر سنة 130هـ/747م،. ثم انتقل إلى الكوفة، كان بائعا للجرار، مال إلى العلم والأدب ونظم الشعر حتى نبغ فيه، ثم انتقل إلى بغداد، واتصل بالخلفاء، فمدح الخليفة المهدي والهادي وهارون الرشيد. يعد من مقدمي المولدين، من طبقة بشار بن برد وأبي نواس وأمثالهما. كان يجيد القول في الزهد والمديح وأكثر أنواع الشعر في عصره.

سبب تسميته
أبو العتاهية كنية غلبت عليه لما عرف به في شبابه من مجون ، وقيل أطلقها عليه الخليفة المهدي بقوله : “أَراك مُتَخلِّطاً مُتَعتِّهاً” ، وقيل بل كان له ولد اسمه “عتاهية” وأنكر بعضهم ذلك ، وقيل لحبه المجون والخلاغة في أوائل حياته، ثم كف عن ذلك ومال إلى التنسك والزهد، وانصرف عن ملذات الدنيا والحياة، وشغل بخواطر الموت، ودعا الناس إلى التزوّد من دار الفناء إلى دار البقاء.

اتصاله بالخلفاء
كان أبو العتاهية في بدء أمره يبيع الجرار ، ثم قدم من الكوفة إلى بغداد مع إبراهيم الموصلي، ثم افترقا ونزل الحيرة، ولم يكن الخليفة المهدي قد سمع بذكره حتى قدم بغداد ، فاستدعاه إلى قصره، واستمع إلى شعره فأعجب به ونال رضاه، وعلت مكانته عنده، واتفق أن عرف (عتبة) جارية الخليفة المهدي. فأولع بها وطفق يذكرها في شعره، فغضب الخليفة المهدي وحبسه، ثم لما توفي المهدي هجر الشعر مدة، فبلغ ذلك الخليفة هارون الرشيد، فسجنه مع أحد المتهمين ممن حكم عليه بالقتل، فلما قتل أمامه قيل له هل تعود إلى الشعر أو يفعل بك مثله، فقبل أن يعود إلى الشعر ، لكن الرشيد أبطأ في إخراجه من السجن فكتب إليه يقول :
تفديك نفسي من كل ما كرهت *** نفسك إن كنت مذنباً فاغفر
يا ليت قلبي لديك صور ما *** فيه لتستيقن الذي أضمر

فرق له، ووقع في رقعته: لا ‌بأس عليك، فاطمأن إلى ذلك. ثم تمادى مكثه في الحبس فكتب إليه:
كأن الخلق ركب فوق روح *** له جسد وأنت عليه رأس
أمين الله إن الحبس ‌بأسٌ *** وقد وقعت: ليس عليك ‌بأسُ

فأمر بإطلاقه. ، ولكن أبو العتاهية آثر العزلة والزهد في الدنيا والتذكير بالآخرة، وسخر شعرة لهذا الغرض، وبقي على ذلك مدة خلافة الرشيد والأمين وأكثر أيام المأمون حتى وفاته سنة 211 هـ. ببغداد. ويتميز شعره بسهولة الألفاظ ووضوح المعاني، ويمثل روحية فقير هجر الحياة وملذاتها وسلك طريق الآخرة.

اتهامه بالزندقة
رُمي أبو العتاهية كغيره من الشعراء والأدباء بتهمة الزندقة والمانوية، مع ما بينهم من التفاوت في ثبوتها واعترافهم بها، إلا أن أبو العتاهية يختلف كثيراً عن غيره، فقد سخر شعره لرد تلك التهم ونفيها عن نفسه، وهذه التهم وإن كانت قليلة في المصادر المتقدمة، كما في الأغاني للأصفهاني، وطبقات الشعراء لابن المعتز، إلا أن بعض كتاب التاريخ في العصر الحديث أشاعوا تلك التهم وحاولوا اثباتها وصرفها عن سياقها وواقعها التاريخي دون أن يوردوا نفيه لها من خلال شعره، وأنها في الحقيقة كانت تُعبر عن فترة متقدمة يسيرة من حياته قبل أن يتحول عنها. ومن اللافت للنظر أن الأصفهاني نفسه أورد دفاع أبو العتاهية عن نفسه حيث قال : ” زعم الناس أني زنديق، والله ماديني إلى الله إلا التوحيد، فقيل له: فقل شيئاً نتحدث به عنك؛ فقال:
ألا إننا كلنا بائد *** وأي بني آدم خالد
ومبدؤهم كان من ربهم *** وكل إلى ربه عائد
فيا عجباً كيف يعصي الإله *** أم كيف يجحده الجاحد
ولله في كل تحريكة *** وفي كل تسكينة شاهد
وفي كل شيء له آية *** تدل على أنه واحد

وقال في الإيمان بالقضاء والقدر واليوم الآخر:
كل نفس ستوافي سعيها *** ولها ميقات يوم قد وجب
جفت ‌الأقلام ‌من قبل بما *** حتم الله علينا وكتب
يهرب المرء من الموت وهل *** ينفع المرء من الموت الهرب
كل نفس ستقاسي عاجلاً *** كُرب الموت فللموت كرب
أيها ذا الناس ما حل بكم *** عجباً من سهوكم كل العجب
وسقام ثم موت نازل *** ثم قبر ونزول وجلب
وحساب وكتاب حافظ *** وموازين ونار تلتهب
وصراط من يزل عن حده *** فإلى خزيٍ طويل ونصب

ثناء العلماء عليه
قال المبرد : “حدثني محمد بن البصري قال: كان أبو ‌العتاهية، لسهولة شعره وجودة طبعه فيه، ربما قال شعراً موزوناً ليس من الأعاريض المعروفة، وكان يلعب بالشعر لعباً، ويأخذ كيف شاء”
وقال الفراء : “دخلت على جعفر بن يحيى فقال لي: يا أبا زكريّا، ما تقول فيما أقول؟ فقلت: وما تقول أصلحك اللّه؟ قال: أزعم أنّ أبا العتاهية أشعر أهل هذا العصر، فقلت: هو واللّه أشعرهم عندي”
وقال أبو نواس : “والله ما رأيته قط إلا توهمت أنه سماويٌّ وأنا أَرْضِيٌّ “
ابن الأعرابي : “والله ما رأيت شاعرا قط أطبع ولا أقدر على بيت منه، وما أحسب مذهبه إلا ضرباً من ‌السحر”
سلم الخاسر : عن رجاء بن سلمة قال: قلتُ لِسَلم الخاسر: مَن أشعر النَّاس؟ قال: “إن شئتَ أخبرتكَ بأشعر الجنِّ والإنس! فقلت: مَن؟ قال: أبو العتاهية”. وأنشدني له:

سكنٌ يبقى لها سكَنُ *** ما بهذا يؤذِنُ الزَّمنُ
نحنُ في دارٍ يُخبِّرنا *** عن بَلاها ناطقٌ لَسِنُ
دارُ سوءٍ لم يَدُم فرحٌ *** لامرئٍ فيها ولا حزَنُ
في سبيل الله أنفُسُنا *** كلُّنا بالموتِ مُرتَهَنُ
كلُّ نفسٍ عند مِيتَتِها *** حظُّها مِن مالِها الكَفَنُ
إنَّ مالَ المرء ليس له *** منهُ إلا ذِكرُه الحسَنُ

شعره وخصائصه الفنية
مر أبو العتاهية بمرحلتين متباينتين من حياته هما مرحلة الشباب واللهو ومرحلة الزهد والتقشف، ففي الأولى كانت أغراض الغزل– وهي قليلة جداً – ، وفي المرحلة الثانية انحصرت اغراضه الشعرية في الحكم والزهديات، وقليل من الرثاء والمدح. وفيما يلي بعض الأمثلة على اغراض شعره :

الغزل
يكاد ينحصر غزل أبو العتاهية في وصف معشوقته (عتبة) جارية المهدي ومن ذلك قوله :
إِخوَتي إِنَّ الهَوى قاتِلي *** فَيَسِّروا الأَكفانَ مِن عاجِلِ
وَلا تَلوموا في اتِّباعِ الهَوى *** فَإِنَّني في شُغُلٍ شاغِلِ
يا مَن رَأى قَبلي قَتيلاً بَكى *** مِن شِدَّةِ الوَجدِ عَلى القاتِلِ
بَسَطتُ كَفّي نَحوَكُم سائِلاً *** ماذا تَرُدّونَ عَلى السائِلِ
إِن لَم تُنيلوهُ فَقولوا لَهُ *** قَولاً جَميلاً بَدَلَ النائِلِ
أَوكُنتُمُ العامَ عَلى عُسرَةٍ *** مِنهُ فَمَنّوهُ إِلى قابِلِ

وقوله
مَن كانَ يَزعُمُ أَن سَيَكتُمُ حُبَّهُ *** أَو يَستَطيعُ السَترُ فَهوَ كَذوبُ
الحُبُّ أَغلَبُ لِلرِجالِ بِقَهرِهِ *** مِن أَن يُرى لِلسِرِّ فيهِ نَصيبُ
وَإِذا بَدا سِرُّ اللَبيبِ فَإِنَّهُ *** لَم يَبدُ إِلّا وَالفَتى مَغلوبُ
إِنّي لَأَحسُدُ ذا هَوىً مُستَحفِظاً *** لَم تَتَّهِمهُ أَعيُنٌ وَقُلوبُ

المدح
لم يكثر أبو العتاهية من المدح في شعره، فلم ينقل عنه الا القليل الذي خص به بعض خلفاء بني العباس ، ومنه قوله في الخليفة هارون الرشيد :

إمام الهدى أصبحت بالدين معنيّا *** وأصبحت تسقي كل مستمطرٍ ريّا
لك اسمان شُقَّا من رشادٍ ومن هدى *** فأنت الذي تُدعي رّشيداً، ومهديا
إذا ما سخطت الشيءَ كان مُسخطاً *** وإن ترضَ شيئاً كان في الناس مرضيّا
بسطتَ لنا شرقاً وغرباً، يدُ العلى *** فأوسعتَ شرقيّاً وأوسعتَ غربياً
وَوَشيتَ وَجهَ الأَرضِ بالجودِ والنَّدى *** فَاوسعتَ شَرقِياً، وأوسعتَ غَريباً
وَأنتَ أميرُ المُؤمنينَ فَتى التُقى *** نَشَرت من الإحسان ما كان مطويا
قضى الله أن يبقى لهارون مُلكه *** وَ كان قضاء الله في الخلق مقضيا
تجلت الدنيا لهارون بالرضا *** وأصبح نقفور لهارون ذميا

وقال أيضا :
وهارُونُ ماءُ المُزْنِ يَشفي من الصّدى *** إذا ما الصّدي بالرّيقِ غَصّتْ حَناجرُهْ
وزَحْفٌ لـهُ تَحكي البُروقَ سُيوفُهُ *** وتَحكي الرّعودَ القاصِفاتِ حَوَافِرُهْ
إذا حَمِيتْ شمسُ النّهارِ تَضاحكَت *** إلى الشّمسِ فيه بِيضُه وَمَغافِرُهْ
إذا نُكِبَ الإسْلامُ يوْماً بنَكْبَةٍ *** فَهارونَ مِنْ بَيْنِ البَريّةِ ثائِرُهْ
ومَن ذا يَفوتُ الموْتُ والموْتَ مُدرِكٌ *** كَذا لم يَفُتْ هارونَ ضِدٌّ يُنافِرُهْ

الرثاء
وهو قليل جداً في شعر أبو العتاهية ومنه رثاءه في صاحبه علي بن ثابت:
أَلَا مَنْ لِي بِأنْسِكَ يَا أُخَيَّا *** وَمَنْ لِي أَنْ أبُثَّكَ مَا لَدَيَّا
طَوَتْكَ صُرُوفُ دَهْرِكَ بَعْدَ نَشْرٍ *** كَذَاكَ خُطُوبُهُ نَشْرًا وَطَيَّا
بكيتك يا عليَ بدرِّ عيني *** فما أغنى البكاءُ عليك شيَّا
طَوتْكَ صُرُوفُ دَهْرِكَ بعد نَشْرٍ *** كذاك خُطوبُه نَشْرًا وطيَّا
لَوْ نَشَرَتْ ثُوَاكَ لِيَ المَنَايَا *** شَكَوْتُ إلَيْكَ مَا صَنَعَتْ إلَيَّا
كفَى حُزْنًا بِدَفْنِكَ ثُمَّ أني *** نفَضْتُ تُرابَ قَبْرِكَ عن يدَيَّا
وكانَت في حياتِكَ لي عِظَاتٌ *** وأنتَ اليومَ أوعظُ منكَ حيَّا

الحكم والزهديات
وهذا الغرض من الشعر يكاد يكون الأبرز في شعر ابي العتاهية، حتى لقد طغى على مسيرته الأدبية، فلا يكاد يُعرف إلا به، وقد سخره لخدمة عدد من الموضوعات كالتحذير من الدنيا وعدم الركون اليها، والتذكير بحتمية الموت، وأنه المحطة الأخيرة لكل كائن على الأرض، وأن الآخرة هي الباقية، مُستخدمًا جملة من الأساليب الشعرية المميزة، مثل: النداء، والاستفهام، والتعجب، والنهي، والأمر، إضافةً للأساليب الأخرى التي تثير وتشد استماع المُخاطب، دون إشعاره بالملل. وله بذلك ديوان مطبوع ومشهور . ومما جاء فيه من الحكم المشهورة والمتداولة على الألسن قوله :
وَما الدَهرُ يَوماً واحِداً في اختِلافِهِ *** وَما كُلُّ أَيّامِ الفَتى بِسَواءِ
وَما هُوَ إِلّا يَومُ بُؤسٍ وَشِدَّةٍ *** وَيَومُ سُرورٍ مَرَّةً وَرَخاءِ

وقوله :
لا تأمن الْمَوْت فِي طرفٍ وَلَا نفسٍ *** وَإِن تسترت بالحُجَّاب والحرسِ
وَاعْلَم بِأَنّ سِهَامَ الْمَوْتِ قاصدةٌ *** لكلِّ مدرَّع منّا ومتَّرس
مَا بَال دينك ترْضى أَن تدنّسه *** وثوبك الدَّهْر مغسولٌ من الدّنسِ
ترجوا النجَاة وَلم تسلك مسالكها *** إِنّ السَّفِينَة لَا تجْرِي على اليبسِ

وقوله :
نأتي إلى الدنيا ونحن سواسية *** طفلُ الملوك هنا، كطفل الحاشية
ونغادر الدنيا ونحن كما ترى *** متشابهون على قبور حافية